نجاحُ الثّورة السُورية
مع النصف الثاني من شهر آذار سنة 2011 اندلعت ثورة الشعب السوري بوجه النظام السوري وعلى الرغم من سلمية الثورة منذُ أيامها الأولى ومطالبها بالإصلاحات فحسب، بادر النظام القائم على تربية حافظ الأسد برعاية ابنه بشار باستخدام القمع والقوّة في ضرب الثورة وناشطيها، فكانت آلية العمل هي قمع المُظاهرات واعتقال المتظاهرين ومُحاصرة الشوارع والأحياء وضربها بكلِّ أنواع الأسلحة بما فيها السلاح الكيماوي والبراميل المُتفجّرة التي كانت تسقطُ من السماء على رؤوس المدنيين مُخلفةً أبشع أنواع القتل .
بعد مرور أربعة عشر عاماً على جرائم مُستمرة للنظام السوري بحق شعبه، كان هُناك من يعمل بهدوء ويأخذ بالأسباب الحقيقة للنصر المُبين، الفصائل السورية المقاتلة في ادلب الذي بنوا أنفسهم على القوّة والصدق والإيمان المُعتدل والثبات على تحقيق أهداف الثورة السورية، كانوا يُهيؤون أنفسهم لمعركةٍ تُحرر أرض سوريا بأكملها.
مع بداية فجر يوم الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024 بدأت معركة " ردع العدوان" التي أيقظت الروح في نفوس السوريين وأعادت الثورة السورية إلى المشهد السياسي والإعلامي في كافة دول العالم العربية والغربية، ليقدّم مُقاتلي المُعارضة السورية درساً في البطولة وليفاجئوا العالم أجمع في استرجاع الأراضي السورية مدينةً تلو مدينة وكأن الأرضَ تقول لهم - أنا لكم- ليصلوا نواعير حماة وساعة حمص وساحة الأمويين في دمشق .
ثلاثة عشر يوماً كانت كفيلةً ليس فقط لتحقيق شُروط المنطقة العازلة التي كانت هدفاً لهذه المعركة وإنما استرجاع سوريا من عصبة آل الأسد، فكان وصول الفصائل السورية المُعارضة الى ساحة حمص المؤشر الأول لسقوط النظام، ليأتي المؤشر الثاني وصولهم بعد ساعات ساحة الأمويين في ظل انهيار كامل في المنظومة العسكرية والأمنية للنظام السوري، ويجب أن نُدرك أنّ عدّم تدخل أي طرف في الحرب هو وسام الشرف الذي أعطى لهذا النصر قيمته، فمن أسقط النظام سواعد الفصائل المُقاتلة السورية والدبلوماسية اللافتة من غرفة إدارة العلميات العسكرية.
مع بداية فجر يوم الأحد 8 كانون الأول 2024 وبتصريح أدهش العالم من وزير الدفاع السوري للضباط السوريين مفاده (( أنّ النظام فقط السيطرة وسقط ويُطلب من كافة منسوبي هذه المنظومة ترك السلاح والمُغادرة )) – تركهم الى المجهول- لتدخل فصائل المُعارضة السورية وتُعلن النصر بالصورة قبل الصوت والخبر العاجل.
بشار حافظ الأسد استلم رئاسة سوريا وهو آخر شخص مُمكن أن يكون صالحاً للرئاسة مما دفع البلاد إلى سلب خيراتها على مدار الأربع والعشرون عاماً مع أعداء سوريا الحقيقيون وليس حلفائها، ولتكون نهايته تحمل توصيف الرئيس الهارب، الرئيس الذي تخلّى عن ضباطه وجنوده في أرض الميدان، ليحمل هذا الأمر أكبر صفة عار على سوريا كبلد الحضارات في الشرق الأوسط، فحافظ الأسد اعتمد سياسة تجويع الشعب للحفاظ على السلطة وبشار الأسد اتبع سياسة بيع البلد للحفاظ على السُلطة، وقدّموا تبعاً لذلك كافة التنازلات إلا للشعب السوري قدّموا له الجوع والنار والاعتقالات والانتهاكات وكمّ الأفواه وإقصاء أهل الشأن.
مستقبل سوريا الجديد يعتمدُ بالدرجة الأولى على قُدرات الشعب السوري والحُكومة الجديدة التي تشكّلت مُؤخراً برئاسة السيد " محمد البشير" تؤمن بذلك يقيناً وتؤمن أنّ الشباب السوري لديه من الكفاءات والقُدرات الأكاديميةِ والقانونيةِ والعلميةِ والهندسيةِ والطبيةِ والرياضيةِ ما يكفي لبناءِ سوريا الجّديدة بكافة قطّاعاتها، والجميع يُؤمن أنّ ازدهار سوريا سيكون بفتح المجال لأصحاب الخبرات والكفاءات وعدم اقتصار الأمر على فئة معينة أو بمحسُوبيات مُعينة أو بتقديم ولاءات مُعينة، وهذا الطرح يُعزز أهمّية العودة المُنتظمة السريعة للسوريين ويكون على ربّ الأسرة إدارة هذه العملية بشكل دقيق ومُنتظم ويحمل مفهوم السُرعة وتحقيق الاندماج السريع بواقعنا الجديد الذي يحمل العزّة والكرامة في أرض سوريا الخالية من نظام الأسد.
بُشرى للطُلاب السوريين جميعاً أنّ صفوفهم لم تعد فيها صور لبشار وحافظ الأسد وأنّهم لم يعد مُلزمون بطلائع البعث، وأنّ الجلاء المدرسي لن يكون عليه لا صورة بشار ولا صورة أي شخص آخر مستقبلاً، وأنّ الشباب لم يعد انتمائهم لحزب البعث شرطاً لإكمال مسيرتهم الجامعية، وكذلك الموظفين الحكوميين لم يعد هنالك خوف أثناء سير العمل من تقارير المُخبرين، وأصحاب القطّاع الخاص لن يكون هُنالك نسبة من أرباحكم لفتح مشاريعكم، وأنّ كافة الضباط والجنود سيكون لهم الحق بأداء الصلاة في ثكناتهم العسكرية بخشوعٍ دون خوف من مخبر أسدي، فسوريا تحرّرت من عقلية الإجرام والفساد والظُلم والخير والازدهار قادم بالحرّية والعدالة والديمقراطية لأبناء الشعب السوري .
نهايةً يجب أنّ نؤمن ونسلّم بالمُطلق أنّ النصر من الله وحده وبإذن منه ثمّ بجهود أبطالنا في القوّات المُسلحة، وحنكة القيادات على الصعيد الدُبلوماسي، وبصبر أبناء شعب سوريا العظيم في الداخل والخارج.
وبذلك تحقّقت إرادة الشعب وانتصرت الثورة السورية المُباركة لتكون أكبر انتصاراً في التاريخ الحديث.
اضافة تعليق جديد
الإسم | |
البريد ( غير الزامي ) | |
|
د.محمد المصري
مقال متميز ومبروك علينا النصر |
تواصل معنا