آلية المُسائلة والمُحاسبة لمنسوبي نظام الأسد
يُعتبر زوال نظام بشار
الأسد في اليوم الثامن من كانون الأول 2024 هو اليوم المُنتظر لعدد كبير من
الحقوقيين والقانونيين تبعاً للجرائم التي ارتكبها عناصره وضباطه والعناصر المدنية
التابعة لهم ( شبّيحة)، بحق الشعب السوري الأعزل، كما أنّ السلطة الحديثة في سوريا
تضع هذا الأمر صُلب عينها .
أولاً: هيكلية الأمن
والجيش :
النظام
الأمني السوري كانَ قائماً على المخابرات العسكرية التي تُعتبر من أقوى وأكبر
الأجهزة الأمنية في سوريا، والمخابرات الجوية، والمخابرات العامة، والأمن السياسي،
والأمن الجنائي، وغيرهم من الأفرع المُبتكرة التي تصبُ في نهاية المطاف الى قتل واعتقال
الشعب السوري .
الى جانب القالب الجهاز
الأمني يوجد الجهاز العسكري القائم على وحدات وفيالق الجيش السوري المكوّن من القوات
البرية وقوات المدفعية والقوات الجوية والقوات البحرية والحرس الجمهوري وغير ذلك
من تقسيمات تصبُ في خدمة هذه المؤسسة والتي كان لها دور كبير في محاربة الشعب
السوري ومقاتلي المعارضة السورية .
الجدير بالذكر أنّ أعداد المنتسبين الى المنظومة الأمنية والعسكرية هو أمر
حسّاس وغامض في سوريا، ولكن تُشير بعض الدراسات أنّ عدد العاملين في الأفرع
الأمنية ما يُقارب السبعون ألف شخص، والعاملون في الجيش السوري
سابقاً ما يُقارب المائة وخمسون ألف بعد الانشقاقات ليكون عدد العاملين
في المنظومة الأمنية والعسكرية التابعة لآل أسد ما يُقارب المئتان والعشرون ألف
إنسان.
ثانياً : آلية المُسائلة والمُحاسبة:
ليلة الأمس 11102024 أصدرت قيادة العمليات العسكرية عفواً عاماً عن كافة
المُجنّدين في الجيش السوري ما دون الضباط في هذا الجيش، كما أصدرت تصريحاً على
لسان الشرع بتعهدها بملاحقة كبار الضباط والمتورطين بتعذيب الشعب السوري، الأمر
الذي أثار مخاوف العديد من السوريين من هذا الإعفاء من جهة وبكيفية محاسبة
المتورطين من جهة أُخرى .
1- دور المحاكم
الوطنية: المحاكم
الوطنية التي ستعمل بموجب الدستور السوري الجديد سيكون لها دور بارز وهام على هذا
الصعيد ويكون ذلك في ضبط أسماء العاملين بالدرجة الأولى في المؤسسة الأمنية
والعسكرية وأسماء المدنيين المتورّطين مع هذه الفروع الذين كانوا ينقلون معلومات
هدفها الحاق الضرر بأبناء الشعب السوري (مُخبرين) . والقيام باستدعائهم ومثولهم
أمام المحاكم وفق الأصول. وهذا الأمر
يتطلّب جهود سريعة وحثيثة من الحكومة الجديدة تحت مهام وزير العدل ووضع آلية دقيقة
وشفّافة لسير هذه المحاكم لتشمل كافة المُحافظات السورية ولا تحمل إلا معيار الحق والعدالة
دون أي معايير أخرى.
2- دور المحاكم
الإقليمية : من
المتوقع أنّ الآلاف من منظومة الأمن السورية يُخططون للذهاب الى البلدان الأوربية فهم
حالياً أغلبهم في الساحل السوري ومنهم من جاء الى لبنان، وفي هذا المقام يتصدّر
الى المشهد دور هذه المحاكم الأوروبية والداخلية أيضاً التي تؤمن بحقوق الإنسان
ولديها ما لديها من أدلة سابقة وأدلة مُستحدثة توضّح المتورطين بجرائم ضد
الإنسانية وضد الشعب السوري.
3- دور محكمة
الجنايات الدولية : من
المتوقع تحرّك هذه المحكمة بالقريب العاجل ضد أبرز الأسماء من الضباط في المنظومة
الأمنية والعسكرية لآل الأسد وصولاً لماهر الأسد وبشار الأسد وذلك بموجب تحرّك من
المدّعي العام أو بموجب دعوى شخصية تُحرّك بموجب الأدلة وهنا يأتي دور المنظمات
الحُقوقية السورية ومن يُمثلها لاتباع الخطوات المطلوبة أصولاً لتحريك محكمة
الجنايات الدولية ضد هؤلاء .
فيما يتعلّق بقرار العفو عن المُجنّدين فمن وجهة نظري لا ثأر للشعب السوري
مع المجنّدين الخاضعين لنظام التجنيد في الجيش السوري، فهؤلاء التحقوا بالجيش بحكم
القوّة وليسوا أصحاب قرار فهم مجنّدين لتنفيذ الأوامر فقط بموجب القانون العسكري. وقد
تمّ استثناء من تلطّخت يديه بالدماء ليكون تحت المُسائلة والمُحاسبة.
خُلاصة الكلام أنّ الرأي العام للمجتمع السوري يؤمن بأن كافة الأجهزة
الأمنية بمن فيها من عناصر يتوجّب على السلطة السورية محاسبتهم ومُلاحقتهم أينما
حلّو، وهذه الرؤية مُمتدّة لضباط الجيش السوري سابقاً، والجنود الذي أُصدر عفو
عنهم يُمكن مُلاحقة من تلطّخت يديه بالدماء بموجب المُحاكمات الوطنية سعياً في
تحقيق عدالة الشعب السوري.
يجب أيضاً أن نُشير أنّ المُسائلة والمُحاسبة
تمتدُّ إلى الشخصيات السياسية المنتسبة لحزب البعث الحاكم والذي هو أصل المُشكلة
وكذلك للمقاتلين الأجانب الذين وقفوا مع هذا النظام ضد الشعب السوري سواء أكانوا
مُرتزقة أم ضباط وهذا ملف أعتقد أنّ له صعوبات وتحدّيات خاصة ولكن يجب أن يكون
بأذهان الجميع .
نهاية القول أنّ مسيرة
المُسائلة والمُحاسبة لمن تورّط في تعذيب الشعب السوري بدأت أو ستبدأ قريباً وهذا
بحدِ ذاته خُطوة مُباركة للعشب السوري، وفي منظور الدولة الحديثة يجب أن يكون
العمل قائم على القانون والتشريعات القانونية وألّا تكون المحاكم انتقامية وانما
تبعاً للتُهم المنسوبة لهؤلاء الأشخاص لتحقيق الغاية الأسمى للقانون "
العدالة" .
اضافة تعليق جديد
الإسم | |
البريد ( غير الزامي ) | |
|
لم يتم العثور على تعليقات بعد |
تواصل معنا