"عودة السوريين بعد انتهاء العام الدراسي الحالي"
مرحلةٌ من يُديرها..؟!
بقلم مجد عيون السود
نهاية العام الدراسي 20242025 دخل في العد العكسي في أغلبِ المدارس في لبنان، في هذا الوقت تتراودُ أحاديث في كل منزل سوري حول قرار العودة الى سوريا وتوقيته، والعبارة الرائجة في هذا المقام " نازلين بس تخلص المدارس" باذن الله .
عند هذه العبارة أبدأ بكتابة المقال بتساؤل حول آلية العودة الى سوريا وهل هنالك من يُديرها؟
- الواقع القانوني للسوريين:
تتمثّل الحالة القانونية للسوريين بالنسبة العُظمى بالوضع "غير نظامي" أي لا يملك قائمة صالحة، فالنسبة القلية هي التي تحمل اقامات شرعية في لبنان، مما يعني أنّنا أمام أعداد بعشرات الآلاف بل مئات الآلاف من السوريين لا يحملون اقامات رسمية لهم في لبنان ويتعذّر عليهم في هذا الحال المغادرة من خلال المعابر الشرعية .
- آلية العودة في هذا الحال:
المعابر الغير شرعية هي خيار النسبة المُطلقة للنازحين في عودتهم الى سوريا، وسوف نرى مشاهد عودة للآلاف من السوريين عبر المعابر الغير شرعية، كُنا قد شاهدناها بعد أيام من انتصار الثورة السورية وهروب بشار الأسد وجنوده من سوريا، ولكن المفارقة هُنا هذه العودة قد تكون الأخيرة للكثير منهم بتلك الطريقة وتحديداً الأطفال والنساء، وما يجب أن نُدركه كسوريين أنّ العودة عبر المعابر الغير شرعية تحمل في طيّاتها العديد من الإشكالات على مُختلف الأًصعدة الاجتماعية والقانونية والحقوق المدنية لنا في بلدنا سوريا.
فعلى الصعيد اللبناني من وجهة نظري ستكون أمام إشكالية قانونية قد تظهر لك بالمستقبل، وأنهّ من صالحنا ومن صالح الدولة اللبنانية الخروج من خلال معبر رسمي وتحت منظورها وادارتها، وأن يتم تسجيل الخروج بشكل قانوي من الأراضي اللبنانية عبر برنامج أتمتة البيانات المخصص.
وعلى الصعيد السوري ما يُهمنا جداً هو الدخول النظامي الى الأراضي السورية لهدف أساسي أن يكون اسمك قد دخلَ بشكل رسمي على برنامج البيانات المخصص لضبط حركة الدخول والمغادرة للمواطنين السوريين، وتبعاً لذلك التمتّع بكافة حقوقك المدنية بصفتك ( داخل القطر)، فنحن نعلم أنّ تكلفة جواز لمن هو داخل القطر وسطياً 40$ بينما من هو بالخارج 800$ وكذلك سيكون هنالك الكثير من العراقيل في الشؤون المدنية والعقارية المتعلقة بك، وكذلك السفر عبر المطارات وغير ذلك من التفاصيل الإجرائية المتعلقة بشخصك وحقوقك مرجعيتها " أنك قانوناً لست داخل القطر ولا تتمتع بحقوق المواطن داخل القطر"
- المُشكلة الأكبر:
عودة أعداد كبيرة من الأطفال السوريين الى سوريا دون أي مُستند قانوني يوضح الولد ونسبه وقيده وعائلته تُعتبر من أكثر المشاكل والتحدّيات مثل هؤلاء، وتبعاً لذلك أتوقّع أنّه من الصواب جداً أن يُتابع السوري هذه الحيثية وأن يتم تسجيل الطفل أصولاً ( من ورقة المشفى إلى وثيقة ولادة من المختار فتسجيل مأمور النفوس اللبنانية وملئ الخانات الأربعة، فتصديق خارجية سورية وأخيراً تثبيت واقعة الولادة في السفارة، ليليه تثبيت واقعة الولادة في النفوس داخل سوريا والحصول على اخراج قيد فردي يُوضح كافة التفاصيل المدنية للطفل واكتسابه لهذا الحق .
ونُشير أنّ السفارة بعد سقوط النظام قد لغت الرسم القُنصلي للمعاملات البالغ 50$، ونأمل أن تزيل رسم تسجيل واقعة الولادة -ولو بشكل مؤقت ضمن هذه الفترة ( فترة بعد انتهاء المدارس ) - البالغ 50$ وكذلك رسم التأخير عن التسجيل بعد الثلاثة أشهر 50$ أو 100$ اذا ما تجاز السنة، الأمر الذي يُسهل ويُشجّع أولياء الأمور على تسجيل أبنائهم في لبنان أصولاً قبل عودتهم الى سوريا .
كسوريين في لبنان بعد نصر ثورتنا لسنا بذات الحال قبل النصر، ولكن أمام هذه الإشكاليات والتحدّيات نأمل أن يكون هنالك تحرّك واضح من المعنيين في كلا البلدين في إدارة المرحلة القادمة وألا تكون مجرياتها تابعة للظروف الحالية التي يعشها السوري النازح في لبنان، فقسمٌ كبير من السوريين مستنداتهم مسحوبة منهم، وكذلك قسمٌ كبير من الطلاب عليهم تصديق أوراقهم من وزارة التعليم العالي قبل السفر سواء لإكمال علمهم في الجامعات السورية او لأجل متابعة الدراسات العليا او للعمل، ومن المعلوم أنه لا يمكن تصديق الأوراق دون إقامة، وكذلك قسمٌ كبيرٌ من السوريين لا يعلم الى أين يعود وأين سيكون مقرّه بعد خسارته لما يملك في بلده ولكن القرار بأغلب الظن أنه اتُخذ بالعودة، وهُنا ملف على مستوى من الأهمية بدور السادة المحافظون بتأمين السكن المؤقت لهم وتجدر الإشارة أنّ مراكز الحزب البائد ومقراتهم كبيرة وواسعة وهي فارغة الآن ولا حرج من تسليط الضوء عليها لتكون سكن مؤقت لمن يعجر عن تأمين نفسه وكل ذلك تحت اشراف المحافظة واللجان المنبثقة عنها.
ملفات شائكة أتوقع ستكون عنوان الفترة القادمة ممزوجة بفرحة العودة الى البلد والخلاص من المعاناة والاستنزاف في لبنان، لكن من جانب آخر سنكون أمام واقع اقتصادي اجتماعي قاسٍ وحاد وقد يكون مؤلم في كثير من الأحيان.
لا يصعب علينا كسوريين مواجهة التحدّيات وأنا أؤمن بذلك لكن أنا أقرأ المشهد كما هو، ورجائي من الله أولاً ثمَّ من المعنيين في كِلا البلدين وتحديداً وزارة الخارجية السورية من الجانب السوري والأمن العام اللبناني من الجانب اللبناني إدارة وتسهيل أمر عودة النازحين السوريين في المرحلة القادمة، وأن تكون تحت منظورهم وألّا تكون مزاجية عنوانها الفوضى والتهريب والمعابر الغير شرعية والسمسرات والوقوع في هاوية المخالفات القانونية ....
كل ذلك تحت أدعو له تحت عنوان الإنسانية التي تسمو على كل شيء، ونحن نُدرك أنا كِلا البلدين سيدخلان صفحة جديدة من العلاقات ونؤمن ان إدارة مثل هذه المرحلة وإدارة ملف النازحين بشكل صحيح وتحديداً في الأشهر القليلة القادمة، سيكون باكورة العلاقات الطيبة الجديدة بين الدولتين الشقيقتين لبنان وسوريا.
والله ولي الأمر والتدبير .